اخترت أن أتوجه إليكم سيادة مدير عام يومية الوطن بصفة الزميل، وأنتم أكبر مني سنّا ورتبة في الصحافة. أنتم تعرّضتم لمحاولات اغتيال إرهابية، وفزتم بجوائز دولية في مجال حرية التعبير وتسيّرون أكثر الصحف الوطنية تأثيرا في الساحة السياسية وفي مراكز القرار… ولا أملك من هذا السجل شيئا.
ربّما يُستحسن أن أناديكم بـ أستاذي ، لكنّني أعتبر صفة الزميل أكثر قيمة بالنسبة لصحافي في مرتبتكم من أيّ تقدير آخر، ولأنني لا أتصوّر جهل صحافي في مرتبتكم لأبسط حقوق المواطن أو القارئ تجاه الأسرة الإعلامية والمتمثل في حق الرد، وجدت نفسي مضطرّا لممارسة حقي في الردّ عليكم من هذا المنبر. كتبتم في الوطن بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة عن استقالة رسّام كاريكاتوري من وقت الجزائر اعتراضا على الاستفزاز والرقابة الممارسة عليه. وجاءت هذه العبارة أو التهمة في سياق مقال يعطي الانطباع أن في الجزائر صحفا تمارس الرقابة آليا على الصحافيين وتعيش في الأحادية، وأخرى تفتح أبوابها للتعبير الحرّ بشكل مطلق وبلغت من الاحترافية مستوى تجاوز ذلك الموجود عند صحافة الدول المتقدمة ديمقراطيا. وطبعا الوطن ومجموعة أخرى من العناوين التي اكتسبت الشرعية الثورية تنتمي إلى الصنف الثاني، ولا أحد يستطيع التشكيك في احترافيتها أو يحق له التدخل في المقاييس التي تحددها للاحترافية!
لا أريد الدخول معكم في جدل حول مسائل نسبية بحاجة إلى تغيير عميق للذهنيات، حتى تجد حلاّ توافقيا، لكنني أذكّركم فقط أن الذي قال إنه استقال من وقت الجزائر بحجّة تعرّضه للاستفزاز والرقابة ، كان موظفا دائما في هذه الصحيفة ويتمتّع بكل حقوقه القانونية زيادة على راتب محترم.
وفي نفس الوقت كان متعاونا مع الوطن ، ولا أدري وضعه القانوني في مؤسستكم، لكنّني أعلم أن قوانين العمل عندنا لا تسمح لموظف أن يشترك في الضمان الاجتماعي عبر مؤسستين. وكل ما طالبت به وقت الجزائر ، وطالبت به شخصيا هذا الرسّام هو أن يعطي الأولوية في عمله ويخصّص جهده أكثر للصحيفة التي تدفع له اشتراكات الضمان الاجتماعي. ردّ وقت الجزائر الذي رفضت الوطن نشره لا يتضمّن هذه التفاصيل، بل اكتفينا بنفي ممارستنا الاستفزاز والرقابة على أيّ كان. لكن يبدو أن هناك في الوطن من يعتقد أن مصداقية هذه الجريدة جاءت بإخفاء الحقيقة، أو منع الناس من حق الرد. وأعتقد أن كثيرا من الصحافيين المسؤولين في الوطن اليوم يجهلون تاريخ هذه الصحيفة، ويعتقدون أنه يكفيهم اليوم إشهار بطاقة الوطن أمام أيّ كان لتخويفه وإسكاته ولاحتكار الحقيقة والمصداقية… أما أنا فلا تبهرني مثل هذه المظاهر، بل أخشى على مستقبل الوطن إن كانت مصداقيتها مبنية على إخفاء الحقيقة، تماما مثلما كان يفعل الحزب الواحد.
In Wakt El Djazaïr